للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في فراش ويستعينان على حسن المعاش أحدهما خان رفيقه من غير سبب وسعى في إراقة دمه وإذلال قدره وعدم وجوده بوجود عدمه فماذا يجب على هذا الحاسد المنافق الفاسد في ترويج باطله الكاسد وقصده ذلك البري الصالح السري الفاهم والسعي به إلى الحاكم وإلقائهم بسببه الآثام وارتكاب الجرائم وحمل هذه العظائم؟ فأجاب الجمهور أن من أكبر الكبائر قول الزور وأن مرتكبه الأثيم استوجب العذاب الأليم ومن هو هذا الجريء الكذاب الذي يرتكب مثل هذه العظائم الهائلة في مثل هذه الدولة العظيمة العادلة ولأي شيء يؤخر جزاه ولا يحسم دواه ولا يضرب ولا يشهر ولا يؤمر بالمعروف في مثل هذا المنكر. قال الأسد فاكتبوا ما قلتم محاضر وليعلم الغائب الحاضر حتى إذا وقع الاتفاق وارتفع هذا الخلاف والشقاق وأجمع على ذلك العقل والجمع، فقالوا فيه ما يقتضيه الشرع فاتبعوا شرورهم وكتبوا بذلك خطوطهم فعند ذلك طلب الأسد الفأرة واستنطقها بما تعلم واستشهدها على الدب بما تكلم فشهدت بما به سمعت في وجهه ورقمت بذلك خطها ووضعته في مبيضته وزكاها الحاضرون وشهد بزهدها وصلاحها السامعون والناظرون واتفقوا على حقيقة صدقها وتحقق منطوقها فتهلل وجه الجمل بهذا القول والعمل، وظهرت على صفحات الدب العديم اللب علامة الفضيحة والانكسار والخسران والدمار والبوار فلم يسعه أنه أذعن حيث لم يكن له في ذلك رافع ولا مطعن، فأمر الأسد بالدب أن يلقى من العلا في جب وأن السباع تحتوشه والضباع تفترسه، ففي الحال نهشته الذئاب وفرسته الكلاب وخطفته النمور وقطعته الببور والتهمه السباع والتقمه الضباع فبعضوعه وقطعوه ووزعوه وحرقوه ومزقوه ولم يكتفوا بعظمه وأهابه حتى لحسوا دمه من يابس ترابه وكانوا قد امتد بهم الغم

<<  <   >  >>