استقام أو نزل أو جل أو هزل أو ولى وعزل أو أمر وامتاز وفضل أو أقبل واعتزل أو أراد نقض إبرام من غزل أن يرسل قبل ذلك مبشرا أو مبصرا أو محذرا يستيقظ النائم أو ينهض الحائم أو يتحرك القائم وإنما يحطم بغينه ويهجم في سكته فيأخذ على بهشه فلا يفلت منه نكتة ولا يهمل إلى لحظة ولا فليته وقد قيل شعر:
يا راقد الليل مسرورا بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
وعلى هذا فلو وقع منا غفلة أو ذهول عند قدوم هذا الجيش المهول فاخترم والعياذ بالله واحدا منا ونحن على أحسن ما يكون سكونا وأمنا فكيف ترين يبقى حال الآخر وهل يصير إلا كما قال الشاعر؟
ما حال من كان له واحد يؤخذ منه ذلك الواحد، وإذا بقي أحدنا منفردا وعن صاحبه منعزلا متوحدا فماذا يفيده الجيران والسكون والوطن والأمنة وهل يبقى له لذة وصال ألف سنة بأليم الفراق في تلك الساعة الخشنة كما قيل:
إن كان فراقنا على التحقيق ... هذا كبدي أحق بالتمزيق
لو دام الوصال لنا ألف سنة ... ما كان يفي بساعة التفريق
لا كان في الدهر يوم لا أراك به ... يا صاحبي ومؤنسي ورفيق
ولا فيه شمس بل ولا قمر ... ولا دونت ولا ساق لخمر عتيق
وكل من لم يتفكر في الحوادث قبل حلولها ويتأمل في تداركها قبل نزولها ويطمئن إلى سكونها مع الزمان ويتكئ بظهره على وسادة الحدثان ويحيل في الكوائن على القضاء والقدر ويدفع يد التدبير عن تعاطي أسباب الحذر، كان كمن ترك إحدى جنبتي خرجه فارغة وحشى الأخرى من الحجارة الثقيلة الدافعة فأنى يستقيم محله أو يبلغ على الطريق المستقيم منزله فلا يزال حمله