مائلا وخطبه هائلا فالعاقل يسعى فيما يظنه ولا يغفل عن السبب وبما وجب يعمل كما قيل:
على المرء أن يسعى ويبذل جهده ... وليس عليه أن يساعده الدهر
فإن نال بالسعي الذي تم أمره ... وإن غلب المقدور كان له عذر
وعلى كل حال تعاطي الأسباب لا يقدح في الأفعال والتوكل وناهيك بملحة العمل حكاية الحمار مع الجمل قالت الأنثى: كيف كانت تلك الحكاية وقال الله شر النكاية؟
قال: بلغني أنه ترافق في المسير عير مع بعير فكان الحمار كثير العثار مع أن عينيه كانتا تراقبان يديه ورجليه وكان الجمل على عظم جهامته وعلو قامته وبعد عينيه عن مواقع يديه ورجليه لا يزل له قدم ولا يضل له أجم، فقال الحمار للبعير: أيها الرفيق الكبير ما بالي في المسير كثير الوقوع والزلل دائم العثار والخطل لا أخلو من حجر يدميني الحافر أو عثرة ترميني في حفرة حافر مع أن عيني تراقب يدي ولا تنظر سواهما إلى شيء وأنت لا تنظر إلى مواطئ إخفافك، ولا تعرف ماذا تقع فيها ولا تحتل عن طريق تمشي فيها ولا أدري هذا مما ذا قال البعير: أنت في المسير قاصر النظر أعمى