ومطعمه ولا شك أنه إنما قصد سوء ومكيدة نكد فإن اضعت الفرصة فيه وقعت في الندم الأمد ووقعت من الندامة في قصة وحصة ولا يفيد إذ ذاك الندم إلا الغصة. أنى وقد فات المطلوب وزلت القدم وقد قيل واحزم الحزم سوء الظن بالناس فالذي يقتضيه الحزم المشيد والرأي السديد والعزم المفيد والفهم المديد القبض عليه إلى أن يظهر ما لديه ثم نهض من مربضه وأنشب في الزاغ مخالب مقبضه وقبضه قبضة أعمى كقبض أرض الرمل الناشفة على الماء فلما رأى الزاغ هلاك النكد وأنه صار كالفريسة في مخالب الأسد قال: يا كريم الخيم ويا أيها الخل الكريم أنا رغبت في مصادقتك وجئتك راغبا في موافقتك وأردت إزالة وحشتك ومؤانستك بأبعاد وحاشاك أن تخيب ظني فيك أو تعامل بالجفاء موافيك كما قيل:
وحاشاك أن تمسي بوجهك معرضا ... وما يحسن الإعراض من وجهك الحسن
والكرام لا يعاملون الجلساء إلا بالمؤانسة وحسن الشيم والوفاء والإبقاء على خير وإبعاد الملامة والضرر والضير وإنما قد نظرت أنيسك وجارك وجليسك كما قيل في الشعر الكميل:
وكن جليس قعقاع ابن شور ... وما يشقى لقعقاع جليس
مع أنه لم يسبق مني سبب عداوة ولا وما يوجب هذه الفظاظة والغلاظة والفجاجة وهذه أول مرة فما وجب هذه النفرة؟ قال النمس: أيها الزاغ الكثير الرواغ الأنحس باغ الأبخس طاغ اسمك ناطق بأنك منافق وهو خير صادق إذ هو للخارج مطابق ورؤيتك شاهدة أنك تنقض المعاهدة وعين منظرك دلت على مخبرك وصدق من قال: