وريف هل يرجع كالمصروف عن خدمته أو يدخل كالدولة والإقبال لنعمته فعطف بالقبول وأذن له بالقول وسمح له بالمسؤول وبلوغ المأمول فتوجه اليؤيؤ على عجل إلى دعوة الحجل فدخل وهو من الحياء متأثر وفي ذيل الدهشة متعثر وعليه الحلة الكافورية تحت الخلعة السابورية كأنه شيخ الصوفية أو طائفة السادة الشاذلية ثم قبل الأرض ووقف وأنشد بها وما وقف:
ولو أن يعفور أو كسرى وتبعاً ... رأوك لخروا بين أيديك سجدا
وما إن وفوا حقاً لديك وإنما ... على قدر ما في الوسع مد الفتى يدا
فابتدر اليؤيؤ بلفظ يخجل اللؤلؤ ونادى الحجل يريد إزالة الدهشة عنه والخجل وطلب المقام ببسط الكلام أيها الغريب الأريب والأديب الخطيب دع وهتمك وأزل وحشتك وأفصح بكلامك عن بيان مقامك فعبارتك عقيلة العقل وواسطة عقود النقل، فإن كان عندك نصيحة تصلح للملوك أو وصية ترشد أرباب السلوك يبين العدل من نورها طرائفه ويزين الفعل في مجاريها حقائقه وتستقيم به الأمور ويستفيد منها الجمهور، فقد أوفت تشنيف المسامع بجواهره ونثر درها على بادي الحاضرين وحاضره فإن المجال قابل وعنق الإصغاء إلى الاستماع لنصايحك مائل ومجال الحكم لذلك واسع ومحل الكريم الشريف معط بلا مانع أوان كنت وقفت على مظلمة أو تريد كشف مأثمه أو رفع بلوى أو بث شكوى أو حاجة في نفسك أو شيئاً قاسيته في يومك وأمسك فقل ولا تقف وأقبل ولا تخف فالقلوب عاطفة عليك والعيون ناظرة إليك.
فقال الحجل: الحمد لله الذي أبرأ جراحنا وأحيى بعد التلف أرواحنا قد كنا في بيداء الحيرة والهلاك وظلماء الخوف والضرر في