وقد قيل لا تصح المحبة بين اثنين حتى يصيرا كالعينين حيثما نظرت إحداهما إلى سرور مالت إلى جهتها الأخرى تابعة لها بل يصير كالنفس الواحدة تكفيهما أكلة مفردة ويكون كل منهما مع الآخر على حدة سرورهما واحد وهمهما متحد التواجد قد ملأت المحبة قلبهما فلم تجد الزيادة بداً معهما كما قال شاعر الملاحدة:
ملأت حشاشتس وداً وحباً ... فإن ترم الزيادة هات قلبا
والفتاح عنده الفتوح وباب الزيادة مفتوح وانظر ما قيل يا ذا العلم العريض الطويل:
أيها السائل عن قصتنا ... أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدناً ... من رآنا لم يفرق بيننا
نحن مذ كنا على عهد الهوى ... تضرب الأمثال للناس بنا
وألطف من هذا وأحسن ... ما قاله القائل وأحسن
أنا والمحبوب كنا في الأزل ... نقطة واحدة من غير مين
فبرأنا الله قد أوجدنا ... مهجة واحدةً في بدنين
فإذا ما الجسم أمسى فانيا ... تلقنا واحداً من غير مين
ولقد ذكرت اليؤيؤ عندي بأنواع الفضل وبوفور الحكمة وأنواع التجارب والعقل وهذا يدل على نصحه ووفور دينه وصدقه في المحبة وقوة يقينه ولم يذكر غير واقع ولا جازف فيما أنهاه على السامع، بل قال قليلاً من كثير وقطرة من غدير ولا أخبر بذلك غير خبير بعواقب الأمور يصير فإني عرفتك كما عرفتك كما عرفت ووقفت على فضائل شمائلك كما وقفت وكل ذلك فوق ما وصف فأريد منك فوائد تكون فرائد لنحور أرباب ذوي العقول قلائد ولضبط أساس الملك والدين أحكم قواعد وعقائد فتلقى مرسومة بالامتثال، وقبل الأرض وقام في مقام العبودية والإجلال وقبل بعد أداء العبودية وظائف السنة وأدى ما عليه بكامل الأوصاف المستحسنة بقوله