وقد عزمت على الرجوع معك لأراها وأقف عليها ولكن هل تحفظ شيئاً منها فقال الحمار: لا أحفظ شيئاً منها إلا نصيحة واحدة وهي أن أبي قال لي: إياك أن تفارق هذه الوصية والباقي ليس في خاطري وربما أتذكره فإن وقفت عليه أخبرتك بالباقي ثم مشى قليلاً، فقال: تذكرت نصيحة أخرى، فقال ابن آوى له: أخبرني بها فقال: قال أبي إذا وقعت في شدة فتصور أشد منها تهن عليك وتجدها نعمة بالنسبة إلى غيرها فتشتغل بشكرها، ثم سار قليلاً وقال: قد حضرتني الثالثة، فقال ابن آوى: أذكرها لي فقال قال لي أبي: لا تحسب أن الصديق الجاهل خير من العدو العاقل وأعلم أن العدو العاقل خير من الصديق الجاهل، فقال ابن آوى: والله إن هذه النصائح لملاح ثم سار الحمار مسرعاً إلى أن وصل إلى محله ورجع ابن آوى إلى محله وهو متعجب من حيلة الحمار عليه وغلبته إياه والعجائب كثيرة فلا تزال النفس تجتهد في أن تؤتي مرادها وتبلغ شهوتها وتنال محبوبها وأن مرادها غاية لا تدرك، وقال صلى الله