عليه وسلم: لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب وناهيك بقصة اللصوص الثلاثة، فقال الملك: كيف كانت قصتهم؟ أخبرنا بها.
فقال له مرزبان: إن لصوصاً ثلاثة اشتركوا في السرقة وأخذ أموال الناس واستمروا على ذلك مدة من الزمان فلما دنا وقت هلاكهم اتفق أنهم سرقوا صندوقاً من الذهب فقبل أن يسموه كانوا جياعاً، فقال أحدهم للآخرين لابد من الغدا فأرسلوا واحداً منهم إلى المدينة ليأتيهم بطعام فذهب وافتكر في نفسه كيف يختص بهذا المال، فسولت له نفسه قتل صاحبيه وانفراده بذلك وهما بنفسهما ما همت به نفسه فسولت لهما أنفسهما قتله واقتسامهما المال. أما هو فوضع لهما سماً في الطعام وجاءهما به فعند حضوره بهذا الطعام بادراه بالقتل وكانا في استعداد له على ذلك فقتلاه ثم جلسا يأكلان الطعام فلما أكلاه ماتا ولحقاه وبقي المال وحده، وإنما أوردت هذه الحكاية ليعلم كولانا الملك أن الميل إلى هوى النفس لا يفيد إلا الحسرة والندامة والحرمان وإن عاجلاً وأعلم أن النفس لا تقنع بالقليل ولا ترضى إلا بالكثير ولا يظن أحد أنه إذا أعطى النفس هواها أنها تشكر له على ذلك وأنها كلما أعطيت شيئاً من مطلع بها طلبت أعلى منه كما قال الشاعر:
والنفس راغبة إذ رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقال الآخر:
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن حملت طاقت وإلا تسلت
وقال الحكماء: الأمل شبكة الشيطان فاجتهد أن تخلص نفسك من حبائل هذه الشبكة وأعلم أيها الملك أن الدنيا غدارة قليلة الوفاء