وتفكرت في أحوال دينها ودنياها لا سيما الملوك والأمرا وأرباب الدول والرفاهية والتنعم فإنهم إذا سمعوا قول القائل سكر الدب وصدق الأسد وأنشد الذئب ورقصت الغزالة وطرب القنفذ وتصادق القط والفأر وحن الذئب على الخروف وعانق الأسد الجمل وحمل الباز على رقبته الحمامة ارتاحت أنفاسهم وانشرحت صدورهم، وزادت لذة عيشهم. ولكن أهل السعادة منهم والمنتبهون ومن هو مقصود لفصل الخصومات، وخلاص المظلومين من الظالمين إذا كانوا في الحكم والعبر ولطائف الغزل والسير الحسنة المسندة إلى ما لا يعقل وهم ممن يعقل يزدادون بذلك بصيرة فتتوفر مسراتهم وتتضاعف لذاتهم، فربما تفكروا في أنفسهم أن مثل هذه الحيوانات مع أنها غير مكلفة إذا فعلت هذه الأمور الغريبة والقضايا الحسنة العجيبة فنحن أولى بذلك. وقد ورد في الكتاب العزيز مما فيه الاعتبار لأصحاب العقول على ألسنة غير العاقل آيات كثيرة كقوله تعالى:(إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) . وقوله تعالى:(ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض أيتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين) . وقوله تعالى:(ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس القمر) الآية، وقوله تعالى:(قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) وقد وضع في ذلك كتاب يسمى بمرزبان نامة مترجم باللسان التركي عن الفارسي فأشار إلى المخدوم الذي لا يمكنني مخالفته أن أترجمه باللسان العربي فامتثلت أمره وترجمته وقد جعله واضعه ثمانية أبواب: الباب الأول في تسميته وسبب وضعه، الباب الثاني في ذكر العالم والعفريت، الباب الثالث في ذكر أحوال الثعلبين، الباب الرابع في ذكر الكلب المسمى بالذكي والعتر الباب الخامس في ذكر السبع وسلطان الأفيال، الباب السادس في ذكر وقائع الجمل والأسد، الباب السابع في ذكر العقاب والحجلتين، الباب الثامن في معاملة الأحباب.