طريق الصواب بألطف وجد وأسن إشارة ولا يتركونه على الخطأ، الثالث إذا صدر من أحدهم جفا يتداركونه بالوفا ولا يتركون الوفاء القديم الجفاء الحادث، الرابع عدم المؤاخذة وأنا إن لم أبذل مجهودي في إنقاذك بكل ما تصل إليه يدي وإلا فلا فائدة في صحبتي، فإني والله لأبذلن المجهود في ذلك وهاأنا متوجه إلى الملك فانظر ما يصدر منه ثم أتم الأمور على ما يقتضيه ذلك.
ثم توجه العادل إلى الملك فوجد الدب عنده وهو يريد أن يكلمه في أمر الرئيس فإنه قد وجد للظفر فرصة يريد أن ينتهزها فإنه عدو قديم فأراد أن يتكلم ثم أفتكر أنه ربما يعاكسه الدب فتنخرم أموره فأمسك عن الكلام ثم بدا له أنه ربما يفتح الدب الكلام بطبيعة العداوة فيرسخ في قلب الملك فلأتمكن إزالته ويعسر رده ويتعذر إزالته من خاطر الملك كما قيل شعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلباً خالياً فتمكنا
فبادر العادل بالكلام وافتتحه بالدعاء على العادة في استعطاف الملوك الكرام ثم قال: إن من عادات الملوك العظام العفو عن الجرائم لا سيما إذا كان وقوعها على سبيل السهو والخطأ وصدرت من المعروف صدقهم وإخلاصهم.
ومن ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط
وكان مملوك مولانا الملك الرئيس معترفاً بتقصيره متوقعاً من مولانا الملك عفوه ومراحمه وإسبال ذيل الشفقة والحنو عليه ووجبت الشفاعة فيه على الملوك السابقة والأخوة وقديم الصداقة. فلما سمع الأسد ذلك علم أن قصد العادل جميل وهو يريد سوق الأجر وإثبات الحسنات في صحائفه وانتشار صفاته بالجود والعفو