ومنهم من يفشي سره ومنهم من يخون في الحريم، ولا شك أن الرئيس قد ارتكب بعض هذه الخصال وهو متصف بباقيها وهذا يدل على دناءة أصله ولؤم طبعه. قال العادل: لا تقل هذا يا مولانا الوزير فإن الرئيس خادم قديم وعبد مخلص ونديم ظريف لم نعلم عليه ما يسوءه من صدق ولايته ولا أطلع أحد منهم على سهوه والخطأ شيء من تفوه نادرة في حق الملك فحلم مولانا الملك لا يقتضي طرح هذه الأوصاف كلها لأجل هذه النادرة المنفردة وقد حصل له من الكسر ما لا يجبره إلا عفو الملك ومراحمه وإلا فلا جابر لكسره أبداً، وأنا ما قمت في مقام الشفاعة إلا لقوله تعالى:(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة لكن له كفل منها) ، وأنا أسأل صدقات الوزير أن يكون شريكاً لي في الأجر والثواب وأن لا تقع منه مخالفة في ذلك فإن كريم الطبع لا يصدر منه إلا الكرائم التي تليق بطبعه واللئيم إذا أراد أن يتعاطى شيئاً من مكارم الأخلاق المحمودة لا تساعده طباعه كما قيل:
كلما رام التخلق جاذبته ... فعاله إلى الطبع القديم
وقال آخر:
الناس على دين ملوكهم ... وتأبى الطباع على الناقل
وحيث كان مولانا الملك مجبولاً على الشفعة الكاملة والمراحم الشاملة فكلنا يجب علينا أن نتشبث بتلك الخصال فإن العبد من طيبة مولاه وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فالتجم الدب بهذه المغالطة ولم يرد جواباً فقال الأسد: حتى انظر في الأمر فتفرقوا من المجلس فتوجه العادل إلى الرئيس وهو في الحبس وأخبره