فربما يكون الخاتم في غيره فينسب إلى الجهل فلم يزد عن السكوت لما سأله عن ذلك.
واستمر كسرى على الطلب والاهتمام بشأن الخاتم فلما استقام الطالع وزال عنه الوبال توجه بزرجمهر إلى خدمة مخدومه وأخبره بما كان من وبال الطالع فأحضروا الطير كله وقبضوا على واحدة وذبحوها فوجدوا الخاتم في جوفها ولم يحتاجوا إلى ذبح غيرها وذلك لقوة الطالع وإقبال السعد. وإنما أوردت هذا المثل لمراقبة الطالع ولم أورده اعتراضاً على ما فعلت، فإني أعرف أن مقاصدك جميلة فقال العادل: الأمر كما قلت وإنما بادرت بذلك خوفاً من حاسد يسيق بكلام يستقر في خاطر الملك فتعسر إزالته ولئلا أنسب إلى تقصير وتوان ومع هذا إن الله هو المدبر ومقاليد الأمور بيده ولم يخطر ببالي أن أقواني في هذه القضية لحظة واحدة وأني مباكره فناظر ما يصدره منه. ثم إن العادل باكر إلى خدمة الأسد فوجد الدب قد سبقه وهو يريد أن يفتح الكلام فبادر العادل وقاطع عليه ودعا للملك ثم قال: يا ملك إن المواعيد الوفية والأخلاق المرضية تقدمت في حق عبده القديم الرئيس بالنظر في أمره ولم يبق إلا المراحم وإجراء عبيده القدما على ما كانوا عليه من سالف حالتهم المرضية خصوصاً المخلصين من خاص الندما كما دعوتهم المكارم البهية والصدقات السنية.
ولازال يتكلم بمثل هذا الكلام حتى لان قلب الأسد وظهر للدب ذلك فاشتعل غيظاً وخرج عن دائرة الاعتدال وقال: كل من ستر على أعداء الملك فهو شريكهم في الخيانة ومن يشفع في الجاني فهو الجاني وما أظنك أيها النديم والخادم القديم إلا منقصاً لهيبة الملك وانتهاك حرمته، فعند ذلك هم الأسد على الدب وقال: لم تزل إلا ظالماً من قديم الزمان إلى هذا الأوان وأنت ترقب مراحم