أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون) والأصل في استحقاق الملك الهمة العلية والأخلاق الكريمة ومكارم الشيم، وأما الجنسية فغير معتبرة في بيان الهمم العلية، فكلب أصحاب الكهف بحسن الصحبة صار منهم وأضيف إليهم بالذكر معهم قال تعالى:(وثامنهم كلبهم) وناهيك بتفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب وفاؤه بحق صاحبه وحفظه على صديقه ومصاحبه وسهره الليالي وعفافه بالنهار ودوام خضوعه وإدمان خشوعه وأمانته وصيانته، والعاقل من تصفح أحواله وصفاته فإن رأى عيباً أزاله وأقلع عنه وإن رأى خيراً حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وناهيك بقصة اللص مع المرأة قال الأرنب: أخبرني بذلك؟ قالت الحمامة: ذكروا أنه كان لص مشهور بالسرقة بارع فيها بحيث أن الناس قد عجزوا عنه وأعياهم أمره، ففي بعض الأيام كان مختفياً يترقب الفرصة ليسرق من بعض الأماكن وإذا بالوالي مار ومعه امرأة خاطئة مسلسلة وهي تنادي وتستغيث وتقول يا أمة محمد أغيثوني أدركوني لا ذنب لي وأي شيء هو فوالله ما سرقت ولا نقبت ولا أخذت مالاً من أحد ولا قطعت الطريق ولا أنا لصة، فلما سمع الحرامي هذه المقالة من المرأة نبه وقال أف على صنعة تستنكف من فعلها الزواني وتتبرأ من النسبة إليها القحاب ثم إنه عاهد الله تعالى وتاب لوقته وحسنت توبته.
وإنما أوردت هذا المثل ليعلم أن المقصود ممن حوى مكارم الأخلاق وتخلى عن كثافة الطباع اتباع هذا الملك وليعلم أنه لولا يستحق الرفعة بتخليه عن الرذائل وتحليه بأنواع الفضائل ما رفعه الله تعالى عليكم، وقد اشتهر ذلك عنه