أما في الجانب الآخر وفي جيش المسلمين فإنهم بعد سماعهم لحديث عروة، وموقفه المتصلب، وإدلاله بقوة قريش وتأكيده لتصميمهم بدأوا يتأكدون أن قريشا ستبيتهم وستبدأ القتال. . لكن قائدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لهم بالقتال ولا باقتحام الحرم ولا بالمجابهة.
وحتى يبلغ الأمر غايته يأتي خبر طائر من مكة ينبئ بأن عثمان بن عفان قد قتل، وقد غدر به أهل مكة. - وكان بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليطمئن المستضعفين من المسلمين المتخلفين بمكة ويتفقد أحوالهم ويزور أهلا له هناك - عند ذلك ثارت ثائرة المسلمين واجتمعوا حول قائدهم يطلبون منه الإذن لهم بالقتال، ويؤكدون له خبر الغدر بعثمان، ويؤيد ذلك أن قريشا بعثت بخمسين فارسا يطوفون بجيش المسلمين ويعتدون على من شذ منهم. . . فوافق رسول الله على رد الاعتداء واستخلاص عثمان، والأخذ بدمه إن يكن قتل. . وهناك في الحديبية وعلى مقربة من حدود الحرم وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يبايعه أصحابه على الجهاد حتى الموت. . فيتقدم الرجل ويتلفظ بالمبايعة وهو يصافح رسول الله. . ولما انتهت المبايعة بآخر مصافح من الجند وضع رسول الله يده اليسرى على اليمنى وقال: هذه عن عثمان. . لقد كانت القلوب مخلصة حقا وكانت العزيمة صادقة والرغبة في الاستشهاد جامحة. . فأنزل الله في ذلك الموقف قرآنا يتلى على مدى الدهر حيث يقول: