ذلك أن هذا العصر ضم اتجاهات مختلفة يغلب على معظمها التقليد للسابقين، وبخاصة في العقائد، الأمر الذي يظهر في بعض الشروح التي وصلت إلينا من هذا العصر (١) لكن هذا لم يمنع من وجود بعض الفلاسفة، وأصحاب النزعة الفلسفية، فما التصوف بما تحويه من اعتقادات مخالفة لعقيدة السلف الصالح، وهذا وذاك كان لهما الأثر في وجود بعض الانحرافات في سيرة العلماء وموقفهم من الإصلاح والدعوة إلى تنقية العقيدة مما شابها من بدع وأهواء، ولكن أقسى شيء في هذه الانحرافات هي أن يتدنى العلماء إلى مغبة المكائد لبعضهم طلبا للجاه والسلطان، وما ذلك إلا لأن بعض العلماء كان خادما لاتجاه سياسي علا أو هبط، وهذه بعض مظاهر الفساد في الموضع الذي يرجى منه الإصلاح.
١ - فقد امتحن ابن تيمية من جماعة من الفقهاء حين أشاعوا غير الحق عن كلامه لأهل حماة في العقائد المسمى بالعقيدة الحموية، ولما أراد ابن تيمية أن يناظرهم وأرسل لهم الأمير هربوا ولم يحضروا، وظل الأمر كذلك حتى عقد ابن تيمية مجلسه يوم الجمعة عند جماعة من الفضلاء وبحثوا في