للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحموية وناقشوه فيها، فأجاب عنها بما أسكتهم بعد كلام كثير (١).

فانظر كيف يشيع العلماء وهم أهل الحق باطلا؛ لينالوا به من عالم ظنوه يزاحمهم على الدنيا، والرجل من هذا الأمر براء، كما تشهد سيرته ومحنته.

فإذا أضفنا إلى هذا ما سجله ابن كثير في حوادث عام (٧٠١ هـ) كانت النكبة أشد فيما وصل إليه العلماء، وفي هذا الشهر (شوال) ثار جماعة من الحسدة على الشيخ تقي الدين بن تيمية، وشكوا منه أنه يقيم الحدود، ويعزر ويحلق رؤوس الصبيان، وتكلم هو أيضا فيمن يشكو منه ذلك، وبين خطأهم، ثم سكنت الأمور (٢).

٢ - ولو كان الأمر يقف عند حد الاتهام لهان الأمر إذ يمكن أن يقال: إنه داخل في باب الاجتهاد الذي يخطئ صاحبه، أما أن يصل الكيد إلى حد التزييف والكذب، فهذا هو الخطر الحقيقي، وقد حدث ذلك في سنة (٧٢٦ هـ) عندما سئل ابن تيمية من عالمين عن مضمون قوله في مسألة زيارة القبور فكتب ذلك في درج، فكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية إلى أن قال: وإنما المحز جعله زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبور الأنبياء - صلوات الله عليهم - معصية بالإجماع مقطوعا بها.

ويقول ابن كثير معلقا: " فانظر الآن على هذا التحريف على شيخ الإسلام ويحكي حقيقة قوله، وأن كتبه تفيض بغير ما حرفوا، وفهمه لم يكن ليصل إلى ما اتهموه به من قوله: الإجماع على معصية هذا " (٣).

٣ - الإفتاء بغير علم، وكان من آفة الفساد في العلماء أن يتكلم بعضهم فيما لا علم له به، فابن زهرة المغربي اقترف هذا الفساد سنة (٧١٢ هـ)، فطيف به في دمشق وهو مكشوف الرأس، ووجهه مقلوب،


(١) البداية والنهاية / ١٤/ ٤.
(٢) البداية والنهاية / ١٤/ ١٧.
(٣) البداية والنهاية / ١٤/ ١٠٨.