وإذا كان الأمر كما ذكرت في ثبات السنن الصالحة واطرادها وأنها أشد ما تكون في المجتمع المسلم، وأنها مهتزة وغير مطردة في المجتمع غير المسلم؛ فلماذا قل نصيبنا من نتائجها الطيبة في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة؛ بل نرى على النقيض من ذلك اهتزازا في الرؤية للغاية من الحياة، واضطرابا في السلوك، وضعفا عاما مكن اليهود من اغتصاب فلسطين، وجعل التيارات الغربية الوافدة تقسم الأمرة وتحاول التسلط عليها وتوجيهها.
إن إدراك أسباب هذا الواقع المر لا يخطئه صاحب البصيرة النافذة، ولا ذو التفكير المستقيم؛ فكما أسلفنا، إن حظ أي مجتمع من النجاح أو الفشل أو التقدم أو الهبوط إنما يكون بمقدار عمله بهذه السنن مجتمعة أو تركه لها، والواقع الذي نشهده أن حصيلتنا من العمل بسنن الله ووفائنا لها حصيلة ضعيفة؛ لذلك كان حالنا كما نرى، وصدق الله:{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(١).
ومن هنا فلا بد من معرفة الأسباب الكلية والعوامل الرئيسية التي سببت ذلك الاهتزاز الهائل في النفوس والأخلاق وتلك الحالة المرضية الخطيرة لندرك الطريق إلى