للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن رشد في معرض الكلام عن الخلع

وإن في معرض الكلام على الخلع:

كرها فارقها، ولا يحل له إذا كرهها أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه وإن أتت بفاحشة من زنا أو نشوز أو بذاء، لقول الله عز وجل وإن {أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (١) {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} (٢) وهذا مذهب مالك - رحمه الله - وجميع أصحابه لا اختلاف بينهم فيه. ومن أهل العلم من أباح للرجل إذا اطلع على زوجته بزنا أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه لقول الله عز وجل {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٣) وتأول أن الفاحشة المبينة هو الزنا هنا، وجعل الاستثناء متصلا، ومنهم من تأول أن الفاحشة المبينة: البغض والنشوز والبذاء باللسان، فأباح للزوج إذا أبغضته زوجته ونشزت عنه وبذت بلسانها عليه أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه. ومنهم من حمل الفاحشة على العموم فأباح ذلك للزوج سواء كانت الفاحشة التي أتت بها زنا أو نشوزا أو بذاء باللسان أو ما كانت.


(١) سورة النساء الآية ٢٠
(٢) سورة النساء الآية ٢١
(٣) سورة النساء الآية ١٩