للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محاربته للتصوف الزائف]

لا شك عند المسلم الصحيح العقيدة أن أي أمر وأي سلوك، إن لم يكن موافقا للشريعة فهو ضلال، وصاحبه ضال ومائل عن الطريق السوي؛ لذلك لم يكن يتوقع من شيخ الإسلام إلا كشف زيغ الصوفية الضلال الذي أغووا الأمة وأضلوها، وجاءوا بعقائد وأعمال وأفكار وأخيلة لا تمت إلى الإسلام بصلة، ولا يخفى على اللبيب أن كلامي لا يشمل السلوك الثابت في القرآن والسنة، إنما الكلام عن الضلال والغواية والكفر والفساد التي جاء بها الصوفية الضلال الذين عادوا القرآن والسنة حينا جهارا وآخر سرا، وعكسوا القضية حيث نبذوا الإسلام الصحيح وأدخلوا فيه كل ما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمحاربته، ومن تلك الأباطيل والضلالات تنسك الهنود، وعقيدة الحلول والاتحاد، ومذهب وحدة الوجود، وتقسيم الدين إلى الظاهر والباطن، وفتنة الرموز والأسرار، والعلم الدفين، وسقوط التكاليف الشرعية عن الكاملين والواصلين، واستثناؤهم عن الأحكام الشرعية، فقد كانت هذه الأفكار والمعتقدات دخلت فيما سمي بالتصوف.

وكانت الفتنة قد استفحلت في القرنين السابع والثامن، فجاء هذا المجدد العظيم الذي تناول هذه الفئة الباغية على دين الله بهدم كيانها وكشف قناعها، حتى تعرت حقائقها لكل راء ومستمع، إن هؤلاء الصوفية قالوا: بجواز حلول الله في الآدميين، وأظهر من قال بهذا هو الحلاج، ثم جاء ابن عربي فحكم بوحدة الوجود، وأن الوجود واحد تعددت صوره وأشكاله، وأن المخلوق يتحد مع الخالق من حيث المحبة والشوق؛ فيتصل بالله ويعلو إليه، فيكون في درجة فناء ذاته الفانية في ذات الله الباقية، وقد جاءت هذه الفكرة في شعر عمر بن الفارض، الذي أمعن شيخ الإسلام في نقده.