قال صاحب معجم البلدان: قال يزدجرد بن مهبندار الكسروي في رسالة له عملها في تفضيل بغداد، فقال في تضاعيفها: ولقد كنت أفكر كثيرا في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة، فوقفت على أنهم توسطوا مصب الفرات في دجلة، هذا أن الإسكندر لما سار في الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام في المشرق والمغرب، رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسورها، وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر، وأقام بها راغبا عن بقاع الأرض جميعا وعن بلاده ووطنه حتى مات.
قال يزدجرد: أما أنوشروان بن قباذ، وكان أجل ملوك فارس حزما ورأيا وعقلا وأدبا فإنه بنى المدائن، وأقام بها هو، ومن كان بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ذكر في سير الفرس أن أول من اختط مدينة في هذا الموضع أردشبر بن بابك، قالوا: لما ملك البلاد سار حتى نزل في هذا الموضع فاستحسنه فاختط به مدينة. قال: وإنما سميت المدائن لأن زاب الملك الذي بعد موسى عليه السلام ابتناها بعد ثلاثين سنة من ملكه، وحفر الزوابي وكورها، وجعل المدينة العظمى المدينة العتيقة.
فهذا ما وجدته مذكورا عن القدماء، ولم أر أحدا ذكر لم سميت بالجمع، والذي عندي فيه أن هذا الموضع كان مسكن الملوك الأكاسرة الساسانبة وغيرهم، فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسماها باسم، فأولها المدينة العتيقة التي لزاب كما ذكرنا ثم مدينة الاسكندر ثم طيسفون من مدائنها ثم أسفانبر ثم مدينة يقال لها: رومية، فسميت المدائن بذلك والله أعلم.
وكان فتح المدائن كلها على يد سعد بن أبي وقاص في صفر سنة ١٦ في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.