الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فمن المؤسف جدا أن بعض دعاة الضلال ومنكري الأحكام الشرعية أو المستهزئين بحدود الله التي حدها يسخرون بقطع يد السارق ويرون أن القطع فيه جفوة وغلظة، وإتلاف لعضو من أعضاء الإنسان، وأن ذلك لا يتناسب مع الجريمة؛ إذ به يصير عضوا أشل وعالة على مجتمعه في نظرهم الخاطئ القاصر.
ومما لا شك فيه ولا ريب أن هذا الاعتقاد ناشئ عن الغفلة عن معنى الجريمة، وعن آثارها الضارة الكثيرة المترتبة عليها، بل عن عدم الإيمان الكامل بمعرفة من وضع الأحكام وحد الحدود؛ إذ لو عرف القائل لمثل هذا الكلام الدين الحنيف معرفة تامة، وعرف ما اشتملت عليه أحكامه من منافع جمة، ووقف على حقيقة العلل الشرعية التي لأجلها جعلت هذه العقوبات، وعلم ما يترتب على إقامة هذا الحد الشرعي الذي شرعه أحكم الحاكمين لما قال مثل هذا الكلام.
وبناء على ذلك رأيت أن من الواجب أن أساهم بجهد المقل بكلمة أبين فيها بعضا من حكمة التشريع الإلهي والحكمة من إقامة الحدود، ثم الحكمة من قطع يد السارق؛ تأدية لبعض ما يجب علينا بيانه، وقياما بحق النصيحة في الإسلام، راجيا من الله الهداية والتوفيق والإعانة، والثبات على الحق لي ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.