للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المطابع العثمانية]

لقد أدرك مثقفو الدولة العثمانية في وقت مبكر أهمية المطابع وقد حاول عدد منهم استيرادها إلى البلاد في بداية القرن السابع عشر، لكن تنفيذ هذا الأمر لم يكن هينا. وكان على الحكام أن يذوقوا مرارة الهزيمة على أيدي الأوروبيين لكي يدركوا أن سبب انتصار هؤلاء هو تفوقهم الثقافي، وقد مهد ذلك الطريق للشعوب المسلمة لكي تقوم بتأسيس المطابع الحديثة.

وأول جهاز للطباعة أتى به اليهود الهاربون من أسبانيا بسبب جور حكامها، والذين لجئوا إلى الدولة العثمانية. كان ذلك في عام ١٤٩٤، وقد أقيمت في مدينة إستنبول واستمرت في العمل نحو عشرين عاما فقط، ثم أقيمت المطابع في مدن أخرى من الإمبراطورية العثمانية. ثم تلاهم الأرمن في ميدان الطباعة، حيث أسسوا عام ١٥٦٥ أول مطبعة أرمنية في مدينة إستنبول، وفي عام ١٧٧٣ تأسست في مدينة أجمادزين، قرب يريظان في داخل أرمينيا ذاتها، أول مطبعة مستقلة، وكانت تستعمل الأحرف الأرمنية، ولم يمض وقت طويل حتى نزل إلى الأسواق بعض من الكتب العلمية والدينية المطبوعة.

لقد تأخرت الطباعة بلغات الشعوب الإسلامية التي كانت تعيش ضمن الدولة العثمانية كثيرا بسبب تخلف تلك الشعوب وكذلك بسبب السياسة العمياء التي كان السلاطين يتبعونها. ويقال إن السلطان بايزيد الثاني أصدر عام ١٤٨٣ أمرا يمنع بموجبه الطباعة وفرض حكم الإعدام على من يخالف ذلك الأمر، وقد أعاد السلطان ياوز فرض ذلك الفرمان (الأمر) عام ١٥١٥ ورغم وجود شك في صحة هذه الأوامر إلا أن الثابت أن القوانين لم تكن تسمح لمطابع الأقليات الدينية بأن تطبع أي شيء باللغتين التركية والعربية.