للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العلاقة بين الوحي والعقل]

ولعلنا على ضوء ما سبق نستطيع أن نحدد العلاقة بين الوحي والعقل أو الصلة بينهما. وعلى هذا نفهم ما ورد عن تظاهر العقل والشرع، وعن التكامل بينهما كقولهم:

"العقل لن يهتدي إلا بالشرع، والشرع لا يتبين إلا بالعقل. فالعقل كالأس والشرع كالبناء. ولن يغني أس ما لم يكن بناء، ولن يثبت بناء ما لم يكن أسا.

وأيضا: فالعقل كالبصر، والشرع كالشعاع، ولن يغني البصر ما لم يكن شعاعا من خارج، ولن يغني الشعاع ما لم يكن بصرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (العقل شرط في معرفة العلوم وكمال الأعمال وصلاحها، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلا بذلك، لكنه غريزة في النفس وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس) (١).

والعقل بنفسه قليل الغناء، لا يكاد يتوصل إلا إلى معرفة كليات الشيء دون جزئياته، والشرع يعرف كليات الشيء وجزئياته، ويبين ما الذي يجب أن يعتقد في شيء شيء، وما الذي هو معدلة في شيء شيء.

وعلى الجملة: فالعقل لا يهتدي إلى تفاصيل الشرعيات،


(١) مجموع الفتاوى: ٣/ ٣٣٨، ٣٣٩.