كان كعب بن مالك أحد الشعراء المخضرمين وهو من شعراء المدر الذين عاشوا في المدينة فتأثروا، بأجوائها وطبيعتها وما في مجتمعاتها، وما اكتسبته من وقوعها في طريق تجارة الجزيرة العربية والشام وكان واحدا ممن شدوا بالشعر من أهل المدينة، فلما أسلم كان أحد شعراء الرسول الذين نافحوا ووهبوا ألسنتهم للذود عنه وهم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وتولى ابن رواحة تعيير قريش بالكفر وعبادة ما لا يضر ولا ينفع، أما حسان وكعب فقد أخذا يعارضان شعراء قريش، ويردان على ما يقولون في المعارك والأيام، ويذكران مثالب قريش، وكانت قريش قد عبأت لهجاء الرسول: عبد الله بن الزبعرى، وأبا سفيان بن الحارث وضرار بن الخطاب، وعمرو بن العاص.
ولم تنم شاعرية كعب عن هجاء قريش قبل إسلامها، كما لم تهدأ عن هجاء يهود المدينة بعد أن نقضوا عهودهم وغدروا وخانوا، كما كان لشاعرية كعب أثرها في إرهاب قبائل العرب التي لم تسلم.
ومن شر ما قيل في قريش قول كعب:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها ... فليغلبن مغالب الغلاب
(والسخينة طعام من اللبن أغلظ من الحساء) وقد عيرت به قريش حتى سموا سخينة، ولما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت قال: لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا.
وقد حدثوا أن قبيلة دوس أسلمت خوفا من المسلمين حينما بلغها قول كعب: