وبحث كهذا في شأن المسجد لا يستكمل عناصره ما لم نلق من خلاله نظرة إلى ما يسمى اليوم بالمراكز الإسلامية المنشآت خارج أقطار المسلمين.
إن لبعض هذه المراكز نشاطا ملحوظا في خدمة المسلمين وفي الدعوة إلى الإسلام، وقد حقق هذا البعض بفضل الله غير قليل من النجاح في أوساط الجاليات الإسلامية، وطلاب الحق والخير من غيرها.
بيد أن الملاحظ أن أكثر هذه المراكز نجاحا في خدمة الإسلام هي التي يقوم على خدمتها عناصر حرة من الشباب المؤمن، الذي لا تقيده وظيفة رسمية. . . ففي ظل هؤلاء الأحرار يحسن عرض الإسلام لجاهلية من الأجانب. وتنظم برامج تعليم لصغار المسلمين، ممن لا يتاح لهم معرفة شيء عن دينهم، إلا عن طريق هؤلاء المتطوعة.
هذا على حين نرى المراكز الأخرى التي تتولى أمرها قيادات رسمية لا يهمها من أمرها إلا تحقيق الدعاية السياسية التي تفرضها الدولة. . . ومن هنا رأينا مراكز تنفق عليها الأموال الطائلة، ثم لا مردود لها سوى زيادة البلبلة في أوساط الجاليات الإسلامية.
ولقد حدثني زميل فاضل تولى إمامة أحد هذه المراكز من قبل هيئة خاضعة للحكومة فلم يستطع أن يحقق فيه أي مهمة إسلامية، بل لم يستطع حمايته من المفاسد التي ينكرها أهل الإيمان، لأن الذي عهد إليه بإدارته كان أبعد الناس عن فضائل الإسلام. حتى أنه ليفطر رمضان دون عذر، ويأتي من المنكرات ما لا يكتمه زميلي الفاضل لو سئل عنه.
وقد شكا أمره إلى المسئول الأعلى فلم يجد أي مردود سوى التهديد والوعيد.
وهكذا تذهب آمال المسلمين ببعض هذه المراكز مع الريح، ولا جرم أن إخفاق أي مركز إسلامي في الغرب يجر معه إخفاقا أكبر للدعوة الإسلامية، إذ يكون سببا لتشويه الإسلام، وصرف الراغبين عنه إلى البحث عن علاج حيرتهم في غيره.