الشرط الذي يلائم العقد يصح استثناؤه على سبيل الاستحسان عند الحنفية ويصح أصلا في المذاهب الأخرى
لم تجز الحنفية الشرط الذي يلائم العقد إلا استثناء على سبيل الاستحسان، ملحقين إياه في المعنى بالشرط الذي يقتضيه العقد. وإلا فإن الشرط، ولو لاءم العقد ما دام العقد لا يقتضيه لا يجوز على مقتضى القياس عند الحنفية، فإن فيه زيادة منفعة لا يقتضيها العقد، فيكون عقدا في عقد، وهذا لا يجوز، وإنما صح هذا الشرط على سبيل الاستحسان كما قدمنا؛ لأنه مقرر لحكم العقد من حيث المعنى، مؤكد إياه، فاشتراط الرهن أو الكفالة بالثمن يؤكد وجوب استيفاء الثمن، واستيفاء الثمن ملائم للعقد، ومثل هذا الاشتراط يكون بمثابة اشتراط صفة الجودة في الثمن.
جاء في المبسوط (جزء ١٣ ص ١٩): وإن شرط أن يرهنه المبتاع هذا بعينه، ففي القياس: العقد فاسد لما بينا أنه شرط عقد في عقد، وفي الاستحسان: يجوز هذا العقد؛ لأن المقصود بالرهن الاستيفاء، فإن موجبه ثبوت يد الاستيفاء، وشرط استيفاء الثمن ملائم للعقد، ثم الرهن بالثمن للتوثق، فاشتراط ما يتوثق به كاشتراط صفة الجودة في الثمن، وقد رأينا صاحب البدائع يقول في هذا المعنى:" وكذلك الشرط الذي لا يقتضيه العقد، لكنه ملائم للعقد " لا يوجب فساد العقد أيضا؛ لأنه مقرر لحكم العقد من حيث المعنى مؤكد إياه. . فيلحق بالشرط الذي هو من مقتضيات العقد، وذلك نحو ما إذا باع على أن يعطيه المشتري بالثمن رهنا فإن كان معلوما فالبيع جائز استحسانا، والقياس ألا يجوز الشرط الذي يخالف مقتضى العقد مفسد في الأصل، وشرط الرهن والكفالة مما يخالف مقتضى العقد فكان مفسدا، إلا أننا استحسنا الجواز؛ لأن هذا الشرط لو كان مخالفا مقتضى العقد صورة فهو موافق له معنى؛ لأن الرهن بالثمن شرع توثيقا للثمن، وكذا الكفالة، فإن حق البائع يتأكد بالرهن والكفالة، فكان كل واحد منهما مقررا لمقتضى العقد معنى، فأشبه اشتراط صفة الجودة في الثمن وأنه لا يوجب فساد العقد، فكذا هذا.
أما في المذهب الشافعي، فالظاهر أن الشرط الذي يلائم العقد يصح أصلا لا استثناء، بخلاف المذهب الحنفي فالشرط فيه لا يصح إلا على سبيل الاستثناء كما قدمنا.
وأما المذهبان المالكي والحنبلي فيبدو أنهما يجيزان الشرط الملائم للعقد على اعتبار أن هذا الشرط إذا كان العقد لا يقتضيه فإنه لا ينافي مقتضى العقد وهو من مصلحته، وما لا ينافي مقتضى العقد - وإن كان العقد لا يقتضيه -