فعندما تكالبت قوى الشر، وازداد كيدها في محاولة للقضاء على النور الذي أضاءه الله برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، تحرك الشر أكثر من ذي قبل، بعدما أذن الله لنبيه الكريم عليه الصلاة والسلام بالهجرة إلى المدينة، فقد شعر أعداء دين الله بأن هذا المنتجع الجديد قد يفتح عليهم جبهة جديدة يكبر حجمها بتكاثر من يدخل في الإسلام ويتأصل كيانهم بتقاطر جمعهم من كل مكان، وذلك بعدما أصبح لهم قاعدة ينطلقون منها، وأنصارا يزداد عددهم ويسندون ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، مما جعل الخطر في نفوس المشركين يزداد والخوف يتضاعف، كما حصل بعد ذلك في كل زمان ومكان من تكالب قوى الشر على المسلمين. كلما شعروا بنقاط ضعف فيهم ووجود ثغرة ينفذون منها.
ولذا خطط المشركون لاستئصال شأفة المسلمين والقضاء على الدعوة بالمكيدة لمحمد صلى الله عليه وسلم، في محاولة منهم لكي يطغى صوت الباطل على دعوة الحق {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(١).
فبدأ التحالف مع القبائل الأخرى، وسعوا إلى تمكين القوة المعنوية في حلفائهم بالوعود والترغيب، وهذه ظاهرة تبرز في كل عصر ومصر، كما هي