للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخامس: ذكر خلاف العلماء فيمن توجه إليه أيمان القسامة أولا من مدع ومدعى عليه ومستند كل مع المناقشة

اختلف أهل العلم القائلون بالقسامة فيمن توجه إليه أيمان القسامة ابتداء.

فذهبت طائفة منهم إلى أنه يبدأ بالمدعين فتوجه إليهم الأيمان.

قال مالك: الأمر المجمع عليه عندنا والذي سمعت ممن أرضى في القسامة والذي اجتمعت عليه الأمة في القديم والحديث أنه يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون (١) وقال ابن رشد: قال الشافعي وأحمد وداود بن علي وغيرهم: يبدأ المدعون (٢). وجاء في المقنع وحاشيته: ويبدأ بأيمان المدعين فيحلفون خمسين يمينا، هذا المذهب، فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليهم خمسين يمينا وبرئوا، وهذا قول يحيى بن سعيد، وربيعة، وأبي الزناد، والليث، ومالك، والشافعي (٣).

واستدلوا لذلك بالسنة، والإجماع، والاستصحاب، والنظر، والقياس.

أما السنة:

فروى الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن، «عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما، فتفرقا في حوائجهما فأتي محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير، أو عين، فأتى يهود، فقال: أنتم والله قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه فذكر ذلك لهم، فأقبل هو وأخوه حويصة، وهو أكبر منه، وعبد الله بن سهل؛ أخو المقتول، فذهب محيصة يتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمحيصة " كبر كبر " يريد السن فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب " فكتب إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فكتبوا إليه: إنا والله ما قتلناه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم " فقالوا: لا، قال: " فتحلف يهود؟ " قالوا:


(١) الموطأ على المنتقى ج٧ ص٥٥، وإكمال إكمال المعلم ج٤ ص٣٩٥. .
(٢) بداية المجتهد ج٢ ص٤٣٩.
(٣) المقنع وحاشيته ج٣ ص٤٣٩. .