حين يدرس باحث سيرة جرير (الإنسان) يتمنى أن يكون لدى العرب والمسلمين أمثاله من السفراء. إذا لتبدل الحال في الحال.
فما هي مزاياه التي أهلته ليكون أحد سفراء النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد كان ينتمي بكل جوارحه لأمته الإسلامية ويسترخص في سبيلها روحه وما يملك من مال وعقار، وكان حافزه الأول والأخير لهذا الانتماء العضوي المصيري هو إيمانه العميق بتعاليم الدين الحنيف.
وبالرغم من أن إسلام جرير جاء متأخرا نسبيا قبيل انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، إلا أن إسلامه حسن بسرعة، فكان أكثر الناس أسلموا في أول الأمر، ثم آمنوا بالتدريج، ولكن جريرا آمن بعد إسلامه فورا، لذلك ثبت على الإسلام ثبات الراسيات، بالرغم من ردة أكثر قومه، وهدم ذا الخلصة صنم قومه قبل إسلامهم، وقاتل المرتدين كافة وبدأ بالمرتدين من قومه، وهذا دليل على إيمانه العميق الراسخ الذي جعله يحب لله ويكره لله، ولا دخل لنزوات الجاهليوعلي?بن أبي?طالبة في حبه من يحب وكره من يكره.
تلك هي مزيته الأولى: الانتماء المطلق العضوي لأمته، وإيمانه الراسخ العميق بالإسلام.
أما المزية الثانية التي قادته إلى النجاح في سفارته فهي الفصاحة والعلم وحسن الخلق.
لقد كان جرير شاعرا بليغا، وقد ذكرنا نماذج من أقواله في الحديث عنه إنسانا.
وكان عالما، استطاع أن يروي مائة حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صاحبه مدة قليلة جدا، بينما غيره من الصحابة الكرام لم يرووا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا