قال ابن القيم - رحمه الله -: وأما أصحاب القول الثاني - يعني الذين يرون تأخير الطلاق إلى الطهر الثاني فاحتجوا بما تقدم من أمره - صلى الله عليه وسلم - بإمساكها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر وقد تقدم، قالوا: وحكمة ذلك من وجوه:
أحدها: أنه لو طلقها عقب تلك الحيضة كان قد راجعها ليطلقها، وهذا عكس مقصود الرجعة، فإن الله سبحانه إنما شرع الرجعة لإمساك المرأة وإيوائها، ولم شعث النكاح، وقطع سبب الفرقة، ولهذا سماه إمساكا، فأمره الشارع أن يمسكها في ذلك الطهر، وأن لا يطلق فيه حتى تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر لتكون الرجعة للإمساك لا للطلاق.
قالوا: وقد أكد الشارع هذا المعنى حتى إنه أمر في بعض طرق هذا الحديث بأن يمسها في الطهر المتعقب لتلك الحيضة فإذا حاضت بعده