للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الربا لغة وشرعا]

أما التعريف اللغوي فهو: الزيادة على الشيء ومنه (أربى فلان على فلان) إذا زاد عليه (وربا الشيء) إذا زاد على ما كان عليه فعظم (فهو يربو ربوا)، وإنما قيل للرابية (رابية) لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها من قولهم (ربا يربو)، ومن ذلك قيل (فلان في رباوة قومه) يراد أنه في رفعة وشرف منهم فأصل الربا الأناقة والزيادة، ثم يقال: (أربى فلان) أي أناف ماله حين صيره زائدا وإنما قيل للمربي (مرب) لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا أو لزيادته عليه السبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حل دينه عليه ولذلك قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} (١).

وأما تعريف الربا في الشرع فيقع على معان لم يكن الاسم موضوعا لها في اللغة، ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى النسء ربا في حديث أسامة بن زيد فقال: «إنما الربا في النسيئة (٢)»، وقال عمر بن الخطاب إن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن وإن النبي صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبينه لنا فدعوا الربا والريبة.

فثبت بذلك أن الربا قد صار اسما شرعيا لأنه لو كان باقيا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر؛ لأنه كان عالما بأسماء اللغة؛ ولأنه من أهلها ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نسء ربا، وهو ربا في الشرع وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الإسلام موضوعا لها في اللغة نحو الصلاة والصوم والزكاة فهو مفتقر إلى البيان ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك (٣).


(١) سورة آل عمران الآية ١٣٠
(٢) أخرجه البخاري، ٣/ ١٥٥، ومسلم ٣/ ١٢١٨.
(٣) أحكام القرآن ج١ ص٥٥١ - ٥٥٢.