للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جمعه بين أقاويل السلف والخلف]

مما امتاز به تفسير العز جمعه للأقوال الكثيرة في تفسير الآية، فبعض هذه الأقوال مأثورة كتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قليل، أو تفسيرات الصحابة والتابعين، وبعض هذه الأقوال اجتهادات للعلماء الذين جاءوا بعدهم من علماء السنة والمعتزلة والصوفية، فيرتب هذه الأقوال عاطفا بعضها على بعض بأو، وقد ترك نسبة كثير منها إلى قائليها، وهذا مما يؤخذ عليه، لأنه يوقع في اللبس وعدم التمييز بين القول الصحيح والضعيف، كما أنه لا يرجح بين الأقوال إلا قليلا. وقد امتاز عليه الماوردي بنسبة الأقوال إلى قائليها إلا في حالات قليلة، كما أنه يحصر الأقوال في عدد ثم يفصلها الأول فالثاني فالثالث. . . وهكذا، وإليك أمثلة توضح ذلك.

١ - قال تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (١).

قال العز في تفسير هذه الآية: {الْمُخْبِتِينَ} (٢) المطمئنين إلى ذكر الله تعالى، أو المتواضعين، أو الخاشعين، الخشوع في الأبدان والتواضع في الأخلاق، أو الخائفين، أو المخلصين، أو الرقيقة قلوبهم، أو المجتهدين في العبادة، أو الصالحين المقلين، أو الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا، قاله الخليل.

ذكر العز في معنى {الْمُخْبِتِينَ} (٣) تسعة أقوال ولم ينسبها إلى قائليها عدا القول الأخير نسبه إلى الخليل بن أحمد، بينما نسب الماوردي هذه الأقوال إلى قائليها، فالأول: نسبه إلى مجاهد، والثاني: إلى قتادة.


(١) سورة الحج الآية ٣٤
(٢) سورة الحج الآية ٣٤
(٣) سورة الحج الآية ٣٤