للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بوسطية الأمة في الاصطلاح الشرعي]

أوسط الناس خيارهم وعدولهم ممن تمسكوا بهدي الكتاب والسنة من غير إفراط ولا تفريط، فتركوا سبيل الجفاء، ولم يميلوا إلى سبيل الغلو، وهم كما ذكر عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ (ت: ١٠١هـ) في كتابه الذي كتبه إلى أحد عماله وأوصاه فيه بلزوم طريق من سلف ثم قال: " فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم " (١)

وكما قال ابن القيم (ت: ٧٥١هـ): " وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان، إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد " (٢)


(١) أخرجه أبو داود ٤/ ٢٠٣، كتاب السنة، باب لزوم السنة.
(٢) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ٢/ ٤٩٦.