لا ريب أنه لا حدود لتطوير ورفع آلات الإنتاج، لتبلغ أعلى درجات التصنيع، وهي درجة تصنيع آلات التصنيع، وهي ما يسمى بالصناعة الثقيلة. وهي السر العظيم الذي تحتكره اليوم الأمم الكافرة، وتتكتم عليه.
وإنه لمن هموم المسلمين وغمومهم أن لا يملكوا آلات الإنتاج المتطورة، وأن يلهثوا أبدا وراء الصناعات الغربية أو الشرقية، ليدفعوا لهم أموالهم الطائلة مقابل أن يحصلوا منهم على معدات قد انتهى زمنها، وضاق بها أصحابها، ويتمنون الخلاص منها بأي سبيل. معدات لا تفي بالاحتياجات، ولا تحقق أدنى الانتصارات. ورغم ذلك لا تعطى للمسلمين إلا بعد تكبيلهم بشروط، وأي شروط؟ شروط تضمن الذل، واستمرار التخلف، والتبعية. وإن المسلمين بأموالهم الضاربة، وقدراتهم الواسعة، وخيرات بلادهم الوافرة، ودوافع العمل وأهدافه السامية، لأولى الناس بامتلاك أقدر المعدات وأعلاها، تأسيسا وتطويرا.
ولا عذر لهم بوجه، ولا حجة لهم في القعود دون هذا الواجب، الذي يتعين على أهل القوامة منهم أن يتبنوه بقوة، ويفرضوه في كل حين. فالمسلمون يملكون - يقينا - مقومات الصناعة الثقيلة، على اختلاف أنواعها وأغراضها، وما ينقصهم سوى الجد والعزيمة، ووحدة الكلمة.
ولو لم يملك المسلمون إلا المال وحده لانفتح لهم به ألف طريق بإذن الله تعالى لتملك سر الصناعة المصنعة لآلات التصنيع (الصناعة الثقيلة) التي بها ترتفع الرؤوس، ويدحر الباطل، ويحق الحق.