لا يفوتنا ونحن ننهي الحديث عن الطاعنين أن نذكر حكم الطعن في القراءات القرآنية المتواترة فنقول: إن من العلماء من يهون أمر الطعن في القراءات، ظنا منه أن الخلاف في القراءات لا يعدو أن يكون لونا من ألوان الاختلاف في الاجتهادات الفقهية، وهذا وهم باطل؛ ذلك أن مصدر الاختلاف بين القراءات هو الوحي، بينما منشأ الاختلاف في الفقه هو الاجتهاد المبني على النظر الذي قد يصيب وقد يخطئ.
قال أبو جعفر النحاس:" السلامة عند أهل الدين إذا صحت القراءات ألا يقال: أحدهما أجود؛ لأنهما جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيأثم من قال بذلك، ذلك لأن اختلاف القراء عند المسلمين صواب بإطلاق، وليس كاختلاف الفقهاء صوابا يحتمل الخطأ، ولا نعلم أحدا من الصحابة من كان يفضل قراءة على قراءة، بل ينكرون تفضيل قراءة على قراءة من أي وجه، كما قال السيوطي "(١)، فلئن كان المرجح لقراءة على قراءة آثما، فما بالك بالذي يطعن ويرد قراءة متواترة.