للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المناقشة]

قبل أن نبدأ مناقشة هذه المحاولة، لا بد من الإشارة إلى أنها تعتبر أذكى المحاولات، وأكثرها اعتدالا، وأقربها إلى شكل المنطق الفقهي، وأحراها بالقبول لو بنيت على أسس حقيقية، ولكن عقب " أخيلوس " (١)، في هذه المحاولة، ونقطة الضعف فيها هي نفسها الموجودة في المحاولة الأولى (محاولة الشيخ محمد رشيد رضا)، وهي البناء على افتراضات غير صحيحة، فهي تفترض:

أولا: أن القرآن نزل بتحريم الربا الذي يمارسه العرب في الجاهلية دون غيره من صور الربا.

ثانيا: افتراض أن الربا الذي يمارسه العرب في الجاهلية قاصر على صورة من صور الربا، وهي صورة إما أن تقضي أو تربي.

ثالثا: أنه وإن كان ولاشك في تحريم كل صور الربا الأخرى بثبوت النصوص، وصراحة دلالتها على التحريم فإن الصور الأخرى محرمة تحريم وسائل، لا تحريم مقاصد؛ بحيث تجوز عند الحاجة وبقدرها.

رابعا: أن الحاجة التي يعتبرها الشرع للرخصة في فعل ما حرم لغيره أو ما حرم تحريم وسائل قائمة في قضية الحال.

وقد أوضحنا عند مناقشة المحاولة الأولى عدم صحة الافتراضين الأولين؛ فالقرآن نزل بتحريم الربا الذي تمارسه كل الجاهليات، وليس جاهلية العرب وحدهم، والعرب في الجاهلية لم تكن ممارستهم للربا قاصرة


(١) في الميثولوجي القديمة عقب البطل الأسطوري أخيلوس، هو نقطة الضعف في جسمه التي بإصابتها يمكن موته.