للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - نصوص وآثار جزئية في موضوع البحث ونقول عن العلماء في ذلك:

ما سبق بيانه في الأمر الأول والثاني تقعيد كل عام يندرج فيه موضوع البحث ونحوه، أما الأمر الثالث ففيه أدلة جزئية من السنة النبوية، وآثار عن الصحابة هي نص في الموضوع، ونقول عن العلماء في حكم ذلك نذكرها فيما يلي:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله على حديث أبي بشير الأنصاري - رضي الله عنه - في قطع القلادة (١) والوتر.

قال ابن الجوزي: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقوال؛ أحدها أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي؛ لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلاما بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئا، وهذا قول مالك. (قلت): وقع ذلك متصلا بالحديث من كلامه في الموطأ، وعند مسلم وأبي داود وغيرهما قال مالك: أرى أن ذلك من أجل العين، ويؤيده حديث عقبة بن عامر، رفعه: «من علق تميمة فلا أتم الله له (٢)» أخرجه أبو داود أيضا، والتميمة: ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك. وقال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر، وذلك لا يجوز اعتقاده.

ثانيها: النهي عن ذلك؛ لئلا تختنق الدابة، عن محمد بن الحسن - صاحب أبي حنيفة - وكلام أبي عبيدة يرجحه؛ فإنه قال: نهى عن ذلك لأن الدواب تتأذى بذلك، ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت، أو تعوقت عن السير.

ثالثها: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس، حكاه الخطابي، وعليه يدل تبويب البخاري، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أم حبيبة أم المؤمنين، مرفوعا: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس (٣)». أخرجه النسائي من حديث أم سلمة أيضا، والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني من طريق عثمان بن عمر المذكور بلفظ: «لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع (٤)». (قلت): ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك إلا على


(١) فتح الباري - ج٦ - ص١٠٦ - ١٠٧.
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٥٤).
(٣) سنن أبو داود الجهاد (٢٥٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٢٧)، سنن الدارمي الاستئذان (٢٦٧٥).
(٤) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٠٥)، صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٥)، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٥٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢١٦)، موطأ مالك الجامع (١٧٤٥).