للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أعماله]

أوقف الشيخ حياته على العلم، فتعلم وأخذ من العلم حظا كبيرا، وفاق أقرانه، ولم يتفوق في علم واحد من العلوم، وإنما تفوق في جميع العلوم التي كتب فيها حتى علوم الطب.

وكان من مبادئه أن يخدم الإسلام ويرفع راية السنة المحمدية، فأوقف حياته على محاربة البدع والمبتدعة وأهل الكلام والشيعة، ومن أعماله التي أوقف نفسه عليها هي: مجالس الوعظ والإرشاد. فقد كانت تؤتي ثمارها، وتؤثر في الناس تأثيرا كبيرا لدرجة أن الناس كانوا يتلقونه بالشموع التي حزرها بعضهم بألف شمعة. وقال ابن القطيعي: انتفع الناس بكلامه فكان يتوب في المجلس الواحد مائة وأكثر في بعض الأيام، وكان يجلس بجامع المنصور يوما أو يومين في السنة فتغلق المحال ويحزر الجمع بمائة ألف (١).

وسلمت إليه المدرسة التي للجهة (بنفشا) وكتب في كتاب الوقف أنها وقف على أصحاب أحمد، وأنها مفوضة إلى ناصر السنة ابن الجوزي. وكان يعظ الأمراء والخلفاء ولا يخاف قول الحق لهم. لأنه يسعى إلى هدف معين هو إعلاء كلمة الله ورفع راية السنة المحمدية، لا يريد مالا ولا جاها ولا منصبا ولا مكسبا من مكاسب الدنيا.

وقد بنى ابن الجوزي مدرسة بدرب ديناء ودرس بها سنة سبعين، وذكر أول يوم تدريسه بها أربعة عشر درسا من فنون العلم (٢)، وزاد عدد المدارس بعد ذلك حتى صارت خمس مدارس كلها في خدمة العلم والتعليم، ويكفيه من العمل تلك المصنفات الكثيرة التي ألفها في كل علم وكل فن.


(١) الذيل على طبقات الحنابلة جـ ١ ص ٤١١.
(٢) الذيل على طبقات الحنابلة جـ ١ ص ٤٠٥.