الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن من أعظم الأمور التي وقع فيها الخلاف بين هذه الأمة: مسألة القرآن، فإن سلف هذه الأمة وأئمتها كانوا على صراط مستقيم في هذه المسألة، ولم يكن عندهم أي إشكال فيها فكانوا يعتقدون أن هذا القرآن كلام الله تعالى وأنه منزل منه جل وعلا حتى نبغت نابغة الجهمية، فأتوا بقول خالفوا فيه من سبقهم، وشاقوا بذلك المسلمين، وخالفوا إجماعهم وما كانوا عليه متفقين، وكان لهؤلاء الجهمية الدولة في وقت من الأوقات، فامتحنوا بذلك علماء هذه الأمة، وجعلوا القول بخلق القرآن دليل - الإيمان من عدمه، وقتلوا من قتلوا من العلماء، وسجنوا من سجنوا، وجلدوا من جلدوا، وأجلبوا على ذلك بخيلهم ورجلهم.
(١) الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بالرياض