فالأمية - إذن - مدلولاتها عديدة، وأكثر هذه المدلولات ذات دلالات حسنة ومعاني محمودة. ومن الغريب أن يتجاهل القائمون على إصدار (المعجم الوسيط) - وهو المعجم الذي قام على إعداده نخبة مختارة من أعضاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة - هذه الدلالات كلها لمفهوم (الأمية)، ويذهبوا إلى حصر معناها، فيما هو نقص وسلب، غافلين عن إيراد كل ما هو مشرق وحميد.
قالوا:(الأمية: مؤنث الأمي، ومصدر صناعي، معناه: الغفلة أو الجهالة).
وعرفوا الأمي، بأنه:(من لا يقرأ ولا يكتب، نسبة إلى الأم أو الأمة، أو العيي الجافي)(١).
ولنا على هذا الكلام بعض الملاحظات:
١ - أنهم حصروا مفهوم (الأمية) بواحد فقط من مدلولاتها الكثيرة، التي وردت في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وهي معان وعاها المفسرون وأرباب اللغة، وأسهبوا في بيانها، وفصلوا الحديث عنها في أسفارهم.
فلماذا يختار أصحاب هذا المعجم هذا المدلول، ويصرون على ذكره دون غيره، ضاربين بجميع المدلولات الأخرى عرض الحائط؟
إنه انتقاء لا يستدعيه سبب وجيه، إضافة إلى أنه يساهم في تكريس الصورة البشعة لمفهوم (الأمية) في أذهان عامة الناس