للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صبر الدعوة]

والداعية محتاج إلى أنواع الصبر كلها في حياته العامة شأنه شأن عموم المسلمين، وفي حياته الدعوية خاصة مما نستطيع أن نسميه بصبر الدعوة وهو الصبر الذي تقدم به أولو العزم من الرسل على غيرهم من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وذلك لأن الدعوة مهمة شاقة ورسالة كبيرة طريقها محفوف بالعقبات، ومجالها مليء بالصعوبات، وصاحبها معرض للمحن والابتلاءات، فهي تحتاج إلى عزيمة قوية وإرادة صلبة ويقين راسخ، يقول الشنقيطي: (فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسنادا مطلقا إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس، لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل وأتباعهم، وهو مستلزم للأذى من الناس لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة وأغراضهم الباطلة، ولذا قال العبد الصالح لقمان الحكيم لولده فيما قص الله عنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} (١)، ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لورقة بن نوفل: " أومخرجي هم؟ " يعني قريشا، أخبره ورقة أن هذا الدين الذي جاء به لم يأت به أحد إلا عودي، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما ترك الحق لعمر صديقا (٢)


(١) سورة لقمان الآية ١٧
(٢) أضواء البيان /الشنقيطي (مرجع سابق) ٢/ ١٧٤.