للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبهة الثالثة: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (١).

وجه الدلالة: قالوا: إن هذا يقتضي أن من لا يكون مؤمنا فهو كافر والفاسق ليس بمؤمن فوجب أن يكون كافرا (٢).

الجواب: يقال لهم: أولا: أما قولكم الفاسق ليس بمؤمن، إن أردتم ليس بمؤمن كامل الإيمان فنحن نوافقكم على ذلك، وإن أردتم نفي الإيمان المطلق فهذا مردود بل هو مؤمن ناقص الإيمان، وكونه مؤمنا ناقص الإيمان لا ينافي نسبته إلى الفئة المؤمنة بدليل أن الله نسبه إلى المؤمنين في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} (٣) الآية وإذا كان كذلك فلا دلالة في الآية على ما تزعمونه.

ثانيا: على التسليم بأن الفاسق لا ينسب إلى الفئة المؤمنة فإن (من) هاهنا للتبعيض، وليس في ذكر التبعيض نفي الثالث، وهو الفاسق: المؤمن بإيمانه الفاسق بكبيرته، أو المؤمن ناقص الإيمان.

كما أن قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} (٤) الآية لا ينبغي وجود دابة تمشي على أكثر من أربع كبعض الحشرات (٥). وبذلك يبطل استدلالكم بالآية على تكفير الفاسق. والله أعلم.


(١) سورة التغابن الآية ٢
(٢) شرح نهج البلاغة جـ ٨ صـ ١١٨.
(٣) سورة الحجرات الآية ٩
(٤) سورة النور الآية ٤٥
(٥) انظر: شرح نهج البلاغة جـ ٨ صـ ١١٨.