للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الخامس: في من تجاب دعوتهم، وأرجى أوقات الإجابة:

تقدم فيما سبق قول الحق سبحانه وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (١).

وقوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (٢).

ودلالة الآيتين الكريمتين ظاهرة على وعد الله سبحانه عباده إذا دعوه أن يستجيب لهم، وأن يسمع منهم دعاءهم، وأن يعطيهم سؤلهم، فإنه سبحانه حيي كريم، يستحي من عبده المؤمن إذا دعاه مستجيبا لأمره، موقنا بالإجابة، مخبتا متذللا رافعا يديه متضرعا لمولاه أن يردهما صفرا، وقد قال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٣) وقوله حق لا شك فيه، ووعده صدق لا مرية فيه، وكل دعاء يدعو به المؤمن مستجاب عند الله ولا شك، وليس يعني ذلك بالضرورة أن يحصل للداعي عين ما أراد، والله حكيم خبير، يعلم ما يصلح لعبده، وما لا يصلح، وعسى أن يكره المؤمن شيئا هو خير له، وعسى أن يحب شيئا وهو شر له، فربما سأل العبد ربه عرضا من الدنيا، يكون


(١) سورة غافر الآية ٦٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٣) سورة غافر الآية ٦٠