للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث: الذين توسطوا في حكم مرتكب الكبيرة (وهم أهل السنة والجماعة)

تمهيد: بعد أن ذكرنا رأي الخوارج الذي هو في غاية الإفراط، والمرجئة الغلاة الذي هو في غاية التفريط. نذكر الرأي الوسط، وهو رأي أهل السنة والجماعة. وقبل بيان رأيهم نشير إلى المراد بكلمة وسط، والمراد بأهل السنة والجماعة، فنقول وبالله التوفيق.

(أ): في المراد بكلمة وسط - الوسط: يأتي ويراد به العدل؛ لما روى أبو سعيد «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: قال: عدلا (٢)». كما يأتي، ويراد به الخير، قال تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} (٣) الآية أي خيرهم (٤).

واللفظتان وإن اختلفتا فالمعنى واحد؛ لأن العدل خير، والخير عدل (٥). والمراد بالوسط هنا: هو العدل بين الإفراط والتفريط. وهو محمود؛ لمجانبته الغلو والتقصير (٦).

(ب) المراد بأهل السنة والجماعة: هم الذين تمسكوا بالإسلام المحض الخالص عن الشوب حيث التزموا طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في الإيمان والعمل، واجتمعوا على الحق، المعنيون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن من كان قبلكم


(١) رواه الإمام أحمد جـ ٣ صـ ٣، ٩، ٢٢. والترمذي تفسير سورة ٢ وصححه النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والإسماعيلي وصححه، والحاكم عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انظر: فتح القدير جـ ١ صـ ١٥٢.
(٢) سورة البقرة الآية ١٤٣ (١) {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}
(٣) سورة القلم الآية ٢٨
(٤) فتح القدير جـ ٥ صـ ٢٧٢.
(٥) انظر: لسان العرب مادة وسط جـ ٣ صـ ٩٢٤.
(٦) انظر: فتح القدير جـ ١ صـ ١٥٠.