للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - والعمل الصالح هو ميزان النية: وقد بين المثال المتقدم أن صلاح العمل لا يتحدد بحسب نظرة الإنسان إليه، بل بحسب مدى متابعة الإنسان لدينه فيه، امتثالا للقرآن الكريم وعملا بالسنة النبوية المطهرة، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١).

أما إذا كان العمل غير صالح بأن خالف الكتاب والسنة، أو انطوى على بدعة في أمور العقائد والعبادات، أو في أمور العادات التي لنا فيها هدي من الكتاب أو السنة، لا في الأمور المتروكة على حكم الإباحة الأصلية؛ فإن ميزان النية يكون قد اختل وصار صاحب العمل غير الصالح من أهل المعاصي لا من أهل الطاعات.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وإنما يمتاز أهل الطاعة لله عن أهل معصيته بالنية والعمل الصالح كما في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (٢)» (٣).

ويزعم مدعو الولاية والتصوف أنهم يأتون أعمالا صالحة، تقرب الناس من شرع الله، وهذا زعم باطل، لأنه يكرسه الابتداع لا الاتباع، ذلك أن العمل الصالح كميزان للنية له خصائصه، فهو عمل اتباعي لا ابتداعي، قوامه صدق العقيدة، وجوهره الامتثال


(١) سورة الحشر الآية ٧
(٢) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٦٤).
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج ٣ ص٣٩٤.