وهذه حالة مزدوجة تتمثل في تواطؤ البائعين وتآمرهم على المشترين بالبيع بسعر معين يتحقق لهم فيه ربح فاحش، أو على العكس قد يتواطأ المشترون على أن يشتركوا فيما يشتريه أحدهم حتى يهضموا حق البائعين.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" وقد منع غير واحد من الفقهاء كأبي حنيفة وأصحابه القسام الذين يقتسمون العقار وغيره بالأجرة أن يشتركوا؛ فإنهم إذا اشتركوا والناس محتاجون إليهم أغلوا عليهم الأجر، فمنع البائعين الذين تواطئوا على ألا يبيعوا إلا بثمن قدروه أولى، وكذلك منع المشترين إذا تواطئوا على أن يشتركوا فيما يشتريه أحدهم حتى يهضموا سلع الناس أولى ".
وقال ابن القيم - رحمه الله -: " ولا ريب أن هذا أعظم إثما وعدوانا من تلقي السلع وبيع الحاضر للبادي ومن النجش " وهي من المعاملات المنهي عنها نهيا صريحا في الإسلام.
ونحن نعتقد أن حالة تواطؤ البائعين تنطوي تحت حالة الاحتكار بمعنى الامتناع عن البيع إلا بسعر فاحش، وإن كانت تزيد عليها بأنها لا تكون حالات فردية وإنما تأخذ صورة تآمر وتوافق على السعر الباهظ إعناتا للمشترين، الأمر الذي يوجب فرض التسعير من جانب الدولة.
وكذلك في الصورة العكسية وهو تواطؤ المشترين إضرارا بأرباب السلع، ويجب فرض التسعير عليهم دفعا للضرر، فالدولة الإسلامية لا تترك أحدا يجحف بحق أحد.
والقاعدة العامة في الحالات التي يجب فيها التسعير أنه كلما استولى على التجار الجشع وتمكن من نفوسهم الطمع، وسيطرت عليهم الأنانية، وعمدوا إلى الاحتكار والاستغلال، تعين على ولي الأمر التدخل بتحديد الأسعار.