للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

د- المذهب الحنبلي:

أ- قال (١). ابن قدامة: ولا يجوز أن يقلد القضاء لواحد على أن يحكم بمذهب بعينه، وهذا مذهب الشافعي، ولم أعلم فيه خلافا؛ لأن الله تعالى قال: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} (٢) والحق لا يتعين في مذهب، وقد يظهر له الحق في غير ذلك المذهب. فإن قلده على هذا الشرط بطل الشرط، وفي فساد التولية وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع.

٢ - قال (٣) أبو يعلى: "فإن كان المولي على مذهب فشرط على من ولاه القضاء ألا يحكم إلا بمذهبه فهذا شرط باطل، وهل تبطل الولاية؟ نظرت:

فإن لم يجعله شرطا فيها، لكن أخرجه مخرج الأمر والنهي، بأن قال له: قد قلدتك القضاء فاحكم بمذهب أحمد، على وجه الأمر، ولا تحكم بمذهب أبي حنيفة، على وجه النهي فالولاية صحيحة والشرط فاسد.

وإن أخرجه مخرج الشرط في عقد الولاية فقال: قد قلدتك القضاء على ألا تحكم فيه إلا بمذهب أحمد. فهذا عقد شرط فيه شرطا فاسدا فهل يبطل العقد؟ على روايتين: بناء على البيع إذا قارنه شرط فاسد فإن كان الشرط خاصا في حكم بعينه نظرت أيضا، فإن لم يخرجه مخرج الشرط لكن أخرجه مخرج الأمر فقال (٤) اقد من العبد بالحر، ومن المسلم بالكافر، يبطل العقد على الروايتين. وإن كان نهيا فإن نهاه عن الحكم في قتل المسلم بالكافر، والحر بالعبد وألا يقضي فيه بوجوب القود، ولا بإسقاطه، جاز؛ لأنه اقتصر بولايته على ما عداه، وإن لم ينهه عن الحكم فيه ونهاه عن القضاء بالقصاص احتمل أن يكون صرفا عن


(١) المغني ومعه الشرح الكبير ١١/ ٤٨٢ والإقناع وشرحه ٦/ ٢٣٥
(٢) سورة ص الآية ٢٦
(٣) الأحكام السلطانية / ٤٧ - ٤٨.
(٤) قوله "اقد من العبد بالحر" كذا من الأصل المنقول منه ولعل الصواب: كذا "أقد من الحر بالعبد".