للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثالث: النهي عن الفتوى بغير علم:

إن الفتوى بغير علم تشتت الفكر، وتوقعه في فوضى، فليس كل من تعلم من الدين بعض الدروس أو رزقه الله بشيء من الفصاحة والقدرة على الخطابة مؤهلا للفتوى. ولقد حذر الله من ذلك فقال الله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.

" والآية الكريمة إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة " (١) (٢)

{وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ} " أي: ذوي الرأي {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه وهم العلماء، والفقهاء أي: عَلِمُوا ما ينبغي أن يُكتم وما ينبغي أن يُفشَى.

أي: وهم يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.

وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.

وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر


(١) تفسير ابن كثير - ٢/ ٣٦٥
(٢) تفسير ابن كثير - ٢/ ٣٦٥ ') ">