[المراثي]
لقد رثى كعب بن مالك وترجم في مراثيه عن الأحزان والآلام، وكان رثاؤه في حمزة وقتلى مؤتة من أجود ما قال في الرثاء وقد تناول رثاء شهداء أحد وبينهم حمزة في قوله:
فكلهم مات حر البلاء ... على ملة الله لم يحرج
كحمزة لما وفى صادقا ... بذي هبة صارم سلجج
فلاقاه عبد بني نوفل ... يبربر كالجمل الأدعج
فأوجره حربة كالشهاب ... تلهب في اللهب الموهج
* حر البلاء: خالص الاختيار * لم يحرج: لم يأثم، بذي هبة: يقصد السيف وهبة السيف وقوعه بالعظم * الصارم: القاطع * السلجج: المرهف * عبد بني نوفل: وحشي قاتل حمزة * يبربر: يصيح * الأدعج: الأسود، أوجره: طعنه * الشهاب: القطعة من النار، الموهج: الموقد.
وبهذه الأبيات بين أن أولئك الذين استشهدوا في أحد أخلصوا وماتوا على ملة الله بلا إثم وبينهم حمزة الذي وفى بسيفه الصارم المرهف في هذه المعركة، ولكن عبد بني نوفل صاح كالجمل الأسود فطعنه طعنة تلهبت فيه كاللهب الموقد فقضت عليه.
* * *
وفي قصيدة أخرى كشف عن مشاعره حيال فقد حمزة فقال:
ولقد هددت لفقد حمزة هدة ... ظلت بتات الجوف منها ترعد
ولو أنه فجعت حراء بمثله ... لرأيت رأسي صخرها يتبدد
قرم تمكن في ذؤابة هاشم ... حيث النبوة والندى والسؤدد
والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت ... ريح يكاد الماء منها يجمد
والتارك القرن الكمي مجدلا ... يوم الكريهة والقنا يتقصد
وتراه يرفل في الحديد كأنه ... ذو لبدة شثن البراثن أربد
عم النبي محمد وصفيه ... ورد الحمام فطاب ذاك المورد
* بتات الجوف: القلب والأحشاء * ترعد: تضطرب، حراء: جبل * الراسي: الثابت * القرم: