للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفات الحركة في الآخرة]

وبناء على ما أوضحناه من مذهب السلف، وبناء على ما فهمناه من الأسس والقواعد التي بنوا عليها موقفهم في هذه القضية الكبرى - أقول بناء على ذلك، فإنني أرى أنه ليس ثمة داع إلى وقوع خلاف حول " صفات الحركة " التي جاءت بها النصوص الموثقة صفة الله تعالى، طالما أن هذه الصفات خاصة به سبحانه، لا يشركه في تكييفها غيره، ونحن - أيضا - لا ندري ولا نعلم عن كنهها شيئا. فإذا قال الله سبحانه:

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (١).

فإن هذا الإتيان نفهمه دون تكييف، ودون تمثيل، تماما كما نفهم قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (٢) {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} (٣).

ذلك لأن كل شيء في الكون يومئذ سوف يتغير، وكل المعايير المادية التي نحتكم إليها سوف تتغير كذلك، ومن ثم فإن أوضاع الآخرة وحوادثها، وما يجري فيها سوف يكون مختلفا تمام الاختلاف عما نشهده في عالم اليوم من أحداث، وما يجري فيه من ألوان الحركات، والعلاقات، كل العلاقات التي تنتظم كل الأشياء.

ودليل ذلك ما أخبرنا به الله في القرآن العظيم، بما سوف يحدث في الآخرة لكل الظواهر والأشياء المادية، وغير المادية لا بد أن تكون تبعا لها.


(١) سورة البقرة الآية ٢١٠
(٢) سورة الفجر الآية ٢٢
(٣) سورة الفجر الآية ٢٣